الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير الطبري المسمى بـ «جامع البيان في تأويل آي القرآن» ***
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَإِنْ أَحُصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى حَلْقِهِ مِنْكُمْ مُضْطَرٌّ، إِمَّا لِمَرَضٍ، وَإِمَّا لِأَذًى بِرَأْسِهِ، مِنْ هَوَامَّ أَوْ غَيْرِهَا، فَيُحَلِّقُ هُنَالِكَ لِلضَّرُورَةِ النَّازِلَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَيَلْزَمُهُ بِحَلَاقِ رَأْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: مَا" أَذًى مِنْ رَأْسِهِ"؟ قَالَ: الْقَمْلُ وَغَيْرُهُ، وَالصَّدْعُ، وَمَا كَانَ فِي رَأْسِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَحْلِقُ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَدِيَ الْحَجَّ بِالنُّسُكِ، أَوِ الْإِطْعَامِ، إِلَّا بَعْدَ التَّكْفِيرِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَدِيَ بِالصَّوْمِ، حَلَقَ ثُمَّ صَامَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: إِذَا كَانَ بِالْمُحَرِمِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِفَإِنَّهُ يُحَلِّقُ حِينَ يَبْعَثُ بِالشَّاةِ، أَوْ يُطْعِمُ الْمَسَاكِينَ، وَإِنْ كَانَ صَوْمٌ حَلَّقَ ثُمَّ صَامَ بَعْدَ ذَلِكَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عُبَِيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَمِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَأُحْصِرَ بَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، شَاةٍ فَإِنْ عَجَّلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَحَلَّقَ رَأَسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا أَوْ تَدَاوَى، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، قَالَ: مَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ كَسْرٍ فَلْيُرْسِلْ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَوْمَ النَّحْرِ. فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا، أَوِ اكْتَحَلَ، أَوِ ادَّهَنَ، أَوْ تَدَاوَى، أَوْ كَانَ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، فَحَلَّقَ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} هَذَا إِذَا كَانَ قَدْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ، ثُمَّ احْتَاجَ إِلَى حَلْقِ رَأْسِهِ مِنْ مَرَضٍ، وَإِلَى طِيبٍ، وَإِلَى ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ، قَمِيصٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: مَنْ أُحْصِرَ عَنِ الْحَجِّ فَأَصَابَهُ فِي حَبْسِهِ ذَلِكَ مَرَضٌ أَوْ أَذًى بِرَأْسِهِ، فَحَلَقَ رَأْسَهُ فِي مَحْبِسِهِ ذَلِكَ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: مَنْ أُحْصِرَ بَعْدَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ، فَحَبَسَهُ مَرَضٌ أَوْ خَوْفٌ، فَإِنَّهُ يَتَعَالَجُ فِي حَبْسِهِ ذَلِكَ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَيَفْتَدِي بِالْفِدْيَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا: صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ السِّرِّيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قَالَ: هَذَا قَبْلَ أَنْ يَنْحَرَ الْهَدْيَ، إِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، فِعْلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ قَبْلَ الْحَلَاقِ إِذَا أَرَادَ حَلَاقَهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَمَنِ اشْتَدَّ مَرَضُهُ، أَوْ آذَاهُ رَأْسُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَعَلَيْهِ صِيَامٌ، أَوْ إِطْعَامٌ، أَوْ نُسُكٌ. وَلَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ حَتَّى يُقَدِّمَ فِدْيَتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ مَا: حَدَّثَنَا بِهِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً، عَنْ قَوْلِهِ: ({فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَقَالَ: إِنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ مَرَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِرَأْسِهِ مِنَ الصِّئْبَانِ وَالْقَمْلِ كَثِيرٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "هَلْ عِنْدَكَ شَاةٌ"؟ فَقَالَ كَعْبٌ: مَا أَجِدُهَا! فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ شِئْتَ فَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ احْلِقْ رَأْسَك). قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَأَمَّا "الْمَرَضُ" الَّذِي أُبِيحَ مَعَهُ الْعِلَاجُ بِالطِّيبِ وَحَلْقِ الرَّأْسِ، فِي الْحَجِّ فَكُلُّ مَرَضٍ كَانَ صَلَاحُهُ بِحَلْقِهِ كَالْبِرْسَامِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ صَلَاحِ صَاحِبِهِ حَلْقُ رَأْسِهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالْجِرَاحَاتِ الَّتِي تَكُونُ بِجَسَدِ الْإِنْسَانِ الَّتِي يَحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى الْعِلَاجِ بِالدَّوَاءِ الَّذِي فِيهِ الطِّيبُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْقُرُوحِ وَالْعِلَلِ الْعَارِضَةِ لِلْأَبْدَانِ. وَأَمَّا "الأَذَى" الَّذِي يَكُونُ إِذَا كَانَ بِرَأْسِ الْإِنْسَانِ خَاصَّةً لَهُ حَلْقُهُ، فِي الْحَجِّ فَنَحْوُ الصُّدَاعِ وَالشَّقِيقَةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَنْ يَكْثُرَ صِئْبَانُ الرَّأْسِ، وَكُلُّ مَا كَانَ لِلرَّأْسِ مُؤْذِيًا مِمَّا فِي حَلْقِهِ صَلَاحُهُ وَدَفْعُ الْمَضَرَّةِ الْحَالَّةِ بِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: "أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ". وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَـزَلَتْ عَلَيْهِ بِسَبَبِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، إِذْ شَكَا كَثْرَةَ أَذًى بِرَأْسِهِ مِنْ صِئْبَانِهِ، وَذَلِكَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ.
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي ذَلِكَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ قَالَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زَرِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: (مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَلِي وَفْرَةٌ فِيهَا هَوَامّ مَا بَيْنَ أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ إِلَى فَرْعِهَا قَمْلٌ وَصِئْبَانٌ، فَقَالَ: "إِنَّ هَذَا لَأَذًى"! قُلْتُ: أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَدِيدٌ! قَالَ: أَمَعَكَ دَمٌ؟ قُلْتُ: لَا! قَالَ: فَإِنْ شِئْتَ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَصَدَّقْ بِثَلَاثَةَ آصُعَ مَنْ تَمْرٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، عَلَى كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاع). حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الطَّحَّانُ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ بِنَحْوِهِ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَشْعَثَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: (خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلِي وَفْرَةٌ مِنْ شَعْرٍ، قَدْ قَمِلَتْ وَأَكَلَنِي الصِّئْبَانُ. فَرَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "احْلِقْ!" فَفَعَلْتُ، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ هَدْيٌ؟" فَقُلْتُ: مَا أَجِدُ! فَقَالَ: إِنَّهُ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَقُلْتُ: مَا أَجِدُ! فَقَالَ: "صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاع). قَالَ: فَفِيَّ نَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْخَبَرُ يُنْبِئُ عَنْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنَ الْقَوْلِ أَنَّ الْفِدْيَةَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْحَالِقِ بَعْدَ الْحَلْقِ، وَفَسَادِ قَوْلِ مَنْ قَالَ: يَفْتَدِي ثُمَّ يَحْلِقُ; لِأَنَّ كَعْبًا يُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالْفِدْيَةِ، بَعْدَ مَا أَمَرَهُ بِالْحَلْقِ فَحَلَقَ. مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: (أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ فَرْقٍ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِين). حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبٍ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} فَقَالَ كَعْبٌ: نَـزَلَتْ فِيَّ كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي، فَحُمِلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: (مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ بَلَغَ مِنْكَ مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟" » فَقُلْتُ: لَا. فَنَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" قَالَ: فَنَـزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً. حَدَّثَنِي تَمِيمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ يَقُولُ: (حَجَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَمِلَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي وَحَاجِبِي، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى هَذَا أَصَابَكَ"، ثُمَّ قَالَ: ادْعُوَا لِي حَلَّاقًا! فَدَعَوْهُ، فَحَلَقَنِي. ثُمَّ قَالَ: أَعِنْدَكَ شَيْءٌ تُنْسِكُهُ عَنْكَ؟ قَالَ: قُلْتُ لَا. قَالَ: "فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ. قَالَ كَعْبٌ: فَنَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيَّ خَاصَّةً: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ثُمَّ كَانَتْ لِلنَّاسِ عَامَّة). حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زَرِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: (مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ! قَالَ: احْلِقْهُ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ اذْبَحْ شَاة). حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَيَّ- أَوْ قَالَ: عَلَى حَاجِبَيَّ. وَقَالَ أَيْضًا: أَوِ انْسَكْ نَسِيكَةً. قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي بِأَيَّتِهِنَّ بَدَأَ. حَدَّثَنَا حُمَِيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زَرِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبٍ، قَالَ: (فِيَّ أُنْـزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ: فَقَالَ لِي: ادْنُهْ. فَدَنَوْتُ، فَقَالَ: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: أَظُنُّهُ قَالَ نَعَمْ! قَالَ: فَأَمَرَنِي بِصِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ، مَا تَيَسَّر). مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَالِحِ أَبِي الْخَلِيلِ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَيْهِ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ يُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ لَهُ وَهَوَامُّ رَأْسِهِ تَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَالَ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وَعَلَيْكَ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، تَذْبَحُ ذَبِيحَةً، أَوْ تَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تُطْعِمُ سِتَّةَ مَسَاكِين). حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى عَلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَبَّابِ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي سَيْفٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: (مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: فَاحْلِقْ. قَالَ: فَفِيَّ نَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ). حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وَأَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: (مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ قِدْرٍ، وَالْقَمْلُ يَتَهَافَتُ عَلَيَّ، فَقَالَ: أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: فَاحْلِقْ، وَانْسُكْ نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِين) قَالَ أَيُّوبُ: انْسُكْ نَسِيكَةً، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: اذْبَحْ شَاةً قَالَ سُفْيَانُ: وَالْفَرْقُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ! فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يُحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْـزَلَ اللَّهُ الْفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ أَنْ يُطْعِمَ فَرْقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّام). حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: (كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنَا الْمُشْرِكُونَ. قَالَ: وَكَانَتْ لِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟" قَالَ: قُلْتُ نَعَمْ! قَالَ وَنَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: لَفِيَّ نَـزَلَتْ، وَإِيَّايَ عَنَى بِهَا: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَهُوَ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا مُحْرِمٌ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ!- أَوْ كَلِمَةً لَا أَحْفَظُهَا عَنَى بِهَا ذَاكَ- فَأَنْـزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَفِيَّ نَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَإِيَّايَ عَنَى بِهَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، قَالَ: وَأَمَرَهُ أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ. حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ الْجَزَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: (أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ وَقَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ، أَيُّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَكَ). حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثَهُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، [عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى]، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: (لَعَلَّهُ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟- يَعْنِي الْقَمْلَ- قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاة). حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخٌ بِسُوقِ الْبِرَمِ بِالْكُوفَةِ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: (جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَنْفُخُ تَحْتَ قِدْرٍ لِأَصْحَابِي، قَدِ امْتَلَأَ رَأْسِي وَلِحْيَتِي قَمْلًا فَأَخَذَ بِجَبْهَتِي، ثُمَّ قَالَ: احْلِقْ هَذَا، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ! وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِه). حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ كَعْبٌ: (أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ آذَانِي الْقَمْلُ أَنْ أَحْلِقَ رَأْسِي، ثُمَّ أَصُومَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ; وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي مَا أَنْسُكُ بِه). حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ يَقُولُ: (أَمَرَنِي- يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أُحَلِّقَ وَأَفْتَدِيَ بِشَاة). حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: (لَقِيتُ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ فِي هَذِهِ السُّوقِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ حَلْقِ رَأْسِهِ؟ فَقَالَ: أَحْرَمْتُ فَآذَانِي الْقَمْلُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَانِي وَأَنَا أَطْبُخُ قِدْرًا لِأَصْحَابِي، فَحَكَّ بِأُصْبُعِهِ رَأْسِي فَانْتَثَرَ مِنْهُ الْقَمْلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احْلِقْهُ، وَأَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِين). مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: (أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَامَ حُبِسُوا بِهَا، وَقَمِلَ رَأْسُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتُؤْذِيكَ هَذِهِ الْهَوَامُّ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَاحْلِقْ وَاجْزُزْ، ثُمَّ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ. قَالَ: قُلْتُ أَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى ذَلِكَ لِكَعْبٍ، وَلَمْ يُسَمِّ النُّسُكَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ كَعْبًا بِذَلِكَ بِالْحُدَيْبِيَةِ قَبْلَ أَنْ يُؤْذَنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ بِالْحَلْقِ وَالنَّحْرِ، لَا يَدْرِي عَطَاءٌ كَمْ بَيْنَ الْحَلْقِ وَالنَّحْر). حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَمَّنْ لَا يَتَّهِمُ مَنْ قَوْمِهِ: (أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ أَصَابَهُ أَذًى فِي رَأْسِهِ، فَحَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّام). حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأُسُودِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ مَخْرَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ شُعَيْبًا يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: أَيُؤْذِيكَ دَوَابُّ رَأْسِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْهُ وَافْتَدِ إِمَّا بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِمَّا أَنْ تُطْعِمَ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوْ نُسُكِ شَاةٍ) فَفَعَلَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَدْ بَيَّنَّا قَبْلُ مَعْنَى" الْفِدْيَةِ"، وَأَنَّهَا بِمَعْنَى الْجَزَاءِ وَالْبَدَلِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَبْلَغِالصِّيَامِ وَالطَّعَامِ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا اللَّهُ عَلَى مَنْ حَلَّقَ شَعْرَهُ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فِي حَالِ مَرَضِهِأَوْ مِنْ أَذًى بِرَأْسِهِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الصِّيَامِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَمِنَ الطَّعَامِ ثَلَاثَةُ آصُعٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ. وَاعْتَلُوا بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانِ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ: "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" قَالَ: الصِّيَامُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالطَّعَامُ: إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ يَمَانِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْلِهِ: "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" قَالَا الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالطَّعَامُ: إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ فَصَاعِدًا. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قَالَ: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالطَّعَامُ: إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ فَصَاعِدًا إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِي إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ: ثَلَاثَةٌ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ. حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} إِنْ صَنَعَ وَاحِدًا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ، وَإِنْ صَنَعَ اثْنَيْنِ فَعَلَيْهِ فِدْيَتَانِ، وَهُوَ مُخَيَّرٌ أَنْ يَصْنَعَ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَ. أَمَّا الصِّيَامُ فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَسِتَّةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَأَمَّا النُّسُكُ فَشَاةٌ فَمَا فَوْقَهَا. نَـزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ كَانَ أُحْصِرَ فَقَمِلَ رَأْسُهُ، فَحَلَقَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: فَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوِ اكْتَحَلَ، أَوِ ادَّهَنَ، أَوْ تَدَاوَى، أَوْ كَانَ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ مِنْ قَمْلٍ فَحَلَّقَ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ فَرْقٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ نُسُكٍ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} قَالَ: فَإِنْ عَجَّلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَحَلَّقَ، فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. قَالَ: فَالصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: إِطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ. وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: يَصُومُ صَاحِبُ الْفِدْيَةِ مَكَانَ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا، قَالَ: مُدًّا لِطَعَامِهِ، وَمُدًّا لِإِدَامِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السِّرِّيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: سُئِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قَالَ: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ حَرْبِ بْنِ قَيْسٍ مَوْلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ، وَهُوَ يَذْكُرُ الرَّجُلَ الَّذِي نَـزَلَ فِيهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}، قَالَ: فَأَفْتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا الصِّيَامُ: فَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَأَمَّا الْمَسَاكِينُ فَسِتَّةٌ، وَأَمَّا النُّسُكُ فَشَاةٌ. حَدَّثَنِي عُبَِيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَمِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةََ، قَالَ: إِذَاأَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَأُحْصِرَبَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، شَاةٍ. فَإِنْ عَجَّلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ- حَلَقَ رَأَسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى- كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ، أَوْ نُسُكٍ. وَالصِّيَامُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُجَاهِدٍ قَوْلُهُ: "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" قَالَا الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِ إِذَا حَلَقَ رَأْسَهُ مِنْ أَذًى، أَوْ تَطَيَّبَ لِعِلَّةٍ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ فَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلُهُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ- مِنَ الصَّوْمِ: صِيَامُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَمِنَ الصَّدَقَةِ: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قَالَ: إِذَا كَانَ بِالْمُحْرِمِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، حَلَّقَ وَافْتَدَى بِأَيِّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ شَاءَ. فَالصِّيَامُ: عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، كُلِّ مِسْكِينٍ مَكُّوكَيْنِ، مَكُّوكًا مِنْ تَمْرٍ، وَمَكُّوكًا مِنْ بُرٍّ، وَالنُّسُكُ: شَاةٌ. حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرِّقَاشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قَالَ: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ. وَقَاسَ قَائِلُو هَذَا الْقَوْلِ كُلَّ صِيَامٍ وَجَبَ عَلَى مُحْرِمٍ، أَوْ صَدَقَةٍ جَزَاءً مِنْ نَقْصٍ دَخَلَ فِي إِحْرَامِهِ، أَوْ فَعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلُهُ بَدَلًا مِنْ دَمٍ، عَلَى مَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الصَّوْمِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ. وَقَالُوا: جَعَلَ اللَّهُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ صِيَامَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَكَانَ الْهَدْيِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ. قَالُوا: فَكُلُّ صَوْمٍ وَجَبَ مَكَانَ دَمٍ، فَمِثْلُهُ. قَالُوا: فَإِذَا لَمْ يَصُمْ وَأَرَادَ الْإِطْعَامَ فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَقَامَ إِطْعَامَ مِسْكِينٍ مَكَانَ صَوْمِ يَوْمٍ لِمَنْ عَجَزَ عَنِ الصَّوْمِ فِي رَمَضَانَ. قَالُوا: فَكُلٌّ مَنْ جُعِلَ الْإِطْعَامُ لَهُ مَكَانَ صَوْمٍ لَزِمَهُ فَهُوَ نَظِيرُهُ. فَلِذَلِكَ أَوْجَبُوا إِطْعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ فِي فِدْيَةِ الْحَلْقِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْوَاجِبُ عَلَى الْحَالِقِ النُّسُكُ شَاةٌ إِنَّ كَانَتْ عِنْدَهُ. فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ قُوِّمَتِ الشَّاةُ دَرَاهِمَ وَالدَّرَاهِمُ طَعَامًا، فَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِلَّا صَامَ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ذَكَرَ الْأَعْمَشُ، قَالَ: سَأَلَ إِبْرَاهِيمُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِطْعَامٌ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ اشْتَرَى شَاةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قُوِّمَتِ الشَّاةُ دَرَاهِمَ فَجَعَلَ مَكَانَهُ طَعَامًا فَتَصَدَّقَ، وَإِلَّا صَامَ لِكُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: كَذَلِكَ سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ يَذْكُرُ. قَالَ: لَمَّا قَامَ قَالَ لِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هَذَا مَا أَظْرَفَهُ! قَالَ: قُلْتُ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ! قَالَ: مَا أَظْرَفَهُ! كَانَ يُجَالِسُنَا. قَالَ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَلَمَّا قُلْتُ"يُجَالِسُنَا"، انْتَفَضَ مِنْهَا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: يُحْكَمُ عَلَى الرَّجُلِ فِي الصَّيْدِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ جَزَاءَهُ قُوِّمَ طَعَامًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَعَامٌ صَامَ مَكَانَ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا، وَكَذَلِكَ الْفِدْيَةُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْخِلَالِ الثَّلَاثِ، يَفْتَدِي بِأَيِّهَا شَاءَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ أَوْ" فَهُوَ بِالْخِيَارِ، مِثْلَ الْجِرَابِ فِيهِ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ، فَأَيُّهُمَا خَرَجَ أَخَذْتَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ أَوْ" فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، يَأْخُذُ الْأُولَى فَالْأُولَى. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ لَيْثًا، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ: "كَذَا، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَكَذَا"، فَالْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ. وَكُلُّ مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا"، فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ. حَدَّثَنِي نُصَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أَنِيسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ- وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: "فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" فَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِشَيْء" أَوْ أَوْ"، فَإِنْ شِئْتَ فَخُذْ بِالْأَوَّلِ، وَإِنْ شِئْتَ فَخُذْ بِالْآخَرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ- فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}- قَالَا لَهُ أَيَّتُهُنَّ شَاءَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ أَوْ"، فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّهُ شَاءَ. قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ لِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ" أَوْ أَوْ"، فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا شَاءَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثٌ عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمَا قَالَا مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ كَذَا أَوْ كَذَا"، فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ، أَيُّ ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ لَيْثٍ وَمُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ أَوْ" فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ "فَمَنْ فَمَنْ"، فَالْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ أَوْ"، فَلْيَتَخَيَّرْ أَيَّ الْكَفَّارَاتِ شَاءَ، فَإِذَا كَانَ: "فَمَنْ لَمْ يَجِدْ"، فَالْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ"أَوْ أَوْ" فَهُوَ خِيَارٌ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا ثَبَتَ بِهِ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَظَاهَرَتْ بِهِ عَنْهُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ بِحَلْقِ رَأْسِهِ مِنَ الْأَذَى الَّذِي كَانَ بِرَأْسِهِ، وَيَفْتَدِي إِنْ شَاءَ بِنُسُكِ شَاةٍ، أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إِطْعَامِ فَرْقٍ مِنْ طَعَامٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ كُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ. وَلِلْمُفْتَدِي الْخِيَارُ بَيْنَ أَيِّ ذَلِكَ شَاءَ، لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَحْصُرْهُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِعَيْنِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْدُوهَا إِلَى غَيْرِهَا، بَلْ جُعِلَ إِلَيْهِ فِعْلُ أَيِّ الثَّلَاثَ شَاءَ. وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ: مَا قُلْتَ فِي الْمُكَفِّرِ عَنْ يَمِينِهِ أَمُخَيَّرٌ-إِذَا كَانَ مُوسِرًا- فِي أَنْ يُكَفِّرَ بِأَيِّ الْكَفَّارَاتِ الثَّلَاثَ شَاءَ؟ فَإِنْ قَالَ: "لَا"، خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَإِنْ قَالَ: "بَلَى"، سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْتَدِي مَنْ حَلْقِ رَأَسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ أَذًى بِهِ. ثُمَّ لَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. عَلَى أَنَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ إِجْمَاعٌ مِنَ الْحُجَّةِ، فَفِي ذَلِكَ مُسْتَغْنًى عَنْ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى صِحَّتِهِ بِغَيْرِهِ. وَأَمَّا الزَّاعِمُونَ أَنَّ كَفَّارَةَ الْحَلْقِ قَبْلَ الْحَلْقِ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُمْ: أَخْبِرُونَا عَنِالْكَفَّارَةِ لِلْمُتَمَتِّعِ: قَبْلَ التَّمَتُّعِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهَا قَبْلَهُ قِيلَ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَةُ عَنِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ. فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، خَرَجُوا مِنْ قَوْلِ الْأُمَّةِ. وَإِنْ قَالُوا: ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ. قِيلَ: وَمَا الْوَجْهُ الَّذِي مِنْ قِبَلِهِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْحَلْقِ قَبْلَ الْحَلْقِ، وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ قَبْلَ التَّمَتُّعِ، وَلَمْ يَجِبْ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ؟ وَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ عَكَسَ عَلَيْكُمُ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ- فَأَوْجَبَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ وَأَبْطَلَ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَةُ الْحَلْقِ كَفَّارَةً لَهُ إِلَّا بَعْدَ الْحَلْقِ- فَرْقٌ مَنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ؟ فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ. فَإِنِ اعْتَلَّ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْيَمِينِ أَنَّهَا غَيْرُ مُجَزِئَةٍ قَبْلَ الْحَلِفِ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ. قِيلَ لَهُ: فَرُدَّ الْأُخْرَى قِيَاسًا عَلَيْهَا، إِذْ كَانَ فِيهَا اخْتِلَافٌ. وَأَمَّا الْقَائِلُونَ إِنَّالْوَاجِبَ عَلَى الْحَالِقِ رَأْسَهُ مِنْ أَذًىفِي الْحَجِّ: مِنَ الصِّيَامِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَمِنَ الْإِطْعَامِ عَشَرَةُ مَسَاكِينَ، فَمُخَالِفُونَ نَصَّ الْخَبَرِ الثَّابِتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَيُقَالُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ مَنْ أَصَابَ صَيْدًا فَاخْتَارَ الْإِطْعَامَ أَوِ الصِّيَامَ، أَتُسَوُّونَ بَيْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ بِقَتْلِهِ الصَّيْدَ صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ مِنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ، أَمْ تُفَرِّقُونَ بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ افْتِرَاقِ الْمَقْتُولِ مِنَ الصَّيْدِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ؟ فَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ يُسَوُّونَ بَيْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ سَوَّوْا بَيْنَ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ قَتَلَ بَقَرَةً وَحْشِيَّةً، وَبَيْنَ مَا يَجِبُ عَلَى مَنْ قَتَلَ وَلَدَ ظَبْيَةٍ- مِنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ. وَذَلِكَ قَوْلٌ إِنَّ قَالُوهُ لِقَوْلِ الْأُمَّةِ مُخَالِفٌ. وَإِنْ قَالُوا: بَلْ نُخَالِفُ بَيْنَ ذَلِكَ، فَنُوجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمُصَابِ مِنَ الطَّعَامِ وَالصِّيَامِ. قِيلَ: فَكَيْفَ رَدَّدْتُمُ الْوَاجِبَ عَلَى الْحَالِقِ رَأَّسَهُ مِنْ أَذًى مِنَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْوَاجِبِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الصَّوْمِ، وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ غَيْرُ مُخَيَّرٍ بَيْنَ الصِّيَامِ وَالْإِطْعَامِ وَالْهَدْيِ، وَلَا هُوَ مُتْلِفٌ شَيْئًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ الْكَفَّارَةُ، وَإِنَّمَا هُوَ تَارِكٌ عَمَلًا مِنَ الْأَعْمَالِ، وَتَرَكْتُمْ رَدَّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتْلِفٌ بِحَلْقِ رَأْسِهِ مَا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ إِتْلَافِهِ، وَمُخَيَّرٌ بَيْنَ الْكَفَّارَاتِ الثَّلَاثَ، نَظِيرَ مُصِيبِ الصَّيْدِ، الَّذِي هُوَ بِإِصَابَتِهِ إِيَّاهُ لَهُ مُتْلِفٌ، وَمُخَيَّرٌ فِي تَكْفِيرِهِ بَيْنَ الْكَفَّارَاتِ الثَّلَاثَ؟ وَهَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ مَنْ خَالَفَكُمْ فِي ذَلِكَ وَجَعَلَ الْحَالِقَ قِيَاسًا لِمُصِيبِ الصَّيْدِ، وَجَمَعَ بَيْنَ حُكْمَيْهِمَا لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْمَعَانِي الَّتِي وَصَفْنَا، وَخَالَفَ بَيْنَ حُكْمِهِ وَحُكْمِ الْمُتَمَتِّعِ فِي ذَلِكَ، لِاخْتِلَافِ أَمْرِهِمَا فِيمَا وَصَفْنَا فَرْقٌ مَنْ أَصْلٍ أَوْ نَظِيرٍ؟ فَلَنْ يَقُولُوا فِي ذَلِكَ قَوْلًا إِلَّا أُلْزِمُوا فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ، مَعَ أَنَّ اتِّفَاقَ الْحُجَّةِ عَلَى تَخْطِئَةِ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ هَذَا كِفَايَةٌ عَنْ الِاسْتِشْهَادِ عَلَى فَسَادِهِ بِغَيْرِهِ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ مَا جَاءَتْ بِهِ الْآثَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ بِالْفَسَادِ شَاهِدٌ؟ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يَنْسُكَ نُسُكَ الْحَلْقِ وَيُطْعِمَ فِدْيَتَهُ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: النُّسُكُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ لَا يُجَزِئُ بِغَيْرِهَا مِنَ الْبُلْدَانِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَبِمَكَّةَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ حَيْثُ شَاءَ. حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْحَجِّ فَبِمَكَّةَ، إِلَّا الصَّوْمَ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ النُّسُكِ، قَالَ: النُّسُكُ بِمَكَّةَ لَا بُدَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: الصَّدَقَةُ وَالنُّسُكُ فِي الْفِدْيَةِ بِمَكَّةَ، وَالصِّيَامُ حَيْثُ شِئْتَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ إِطْعَامٍ فَبِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ صِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنْ عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: النُّسُكُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: النُّسُكُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى، وَالطَّعَامُ بِمَكَّةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: النُّسُكُ فِي الْحَلْقِ وَالْإِطْعَامُ وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ الْمُفْتَدِي.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَسْمَاءَ مَوْلَى ابْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَجَّ عُثْمَانُ وَمَعَهُ عَلِيٌّ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، فَارْتَحَلَ عُثْمَانُ قَالَ أَبُو أَسْمَاءَ: وَكُنْتُ مَعَ ابْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: فَإِذَا نَحْنُ بَرَجُلٍ نَائِمٍ وَنَاقَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ: أَيُّهَا النَّائِمُ! فَاسْتَيْقَظَ، فَإِذَا الْحُسَيْنُ بْن عَلِيٍّ. قَالَ: فَحَمَلَهُ ابْنُ جَعْفَرٍ حَتَّى أَتَى بِهِ السُّقْيَا. قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ، فَجَاءَ وَمَعَهُأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ: فَمَرَّضْنَاهُ نَحْوًا مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً. قَالَ: فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْحُسَيْنِ: مَا الَّذِي تَجِدُ؟ قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَى رَأْسِهِ. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ عَلِيٌّ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ دَعَا بِبَدَنَةٍ فَنَحَرَهَا. حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُسَيِّبِ الْمَخْزُومِيِّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أَسْمَاءَ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، يُحَدِّثُ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍٍ يُرِيدُ مَكَّةَ مَعَ عُثْمَانَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بَيْنَ السُّقْيَا وَالْعَرَجِ اشْتَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَأَصْبَحَ فِي مَقِيلِهِ الَّذِي قَالَ فِيهِ بِالْأَمْسِ. قَالَ أَبُو أَسْمَاءَ: فَصَحِبْتُهُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَإِذَا رَاحِلَةُ حُسَيْنٍ قَائِمَةٌ وَحُسَيْنٌ مُضْطَجَعٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: إِنَّ هَذِهِ لِرَاحِلَةُ حُسَيْنٍ. فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ قَالَ لَهُ: أَيُّهَا النَّائِمُ! وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ نَائِمٌ; فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ وَجَدَهُ يَشْتَكِي، فَحَمَلَهُ إِلَى السُّقْيَا، ثُمَّ كَتَبَ إِلَى عَلِيٍّ فَقَدِمَ إِلَيْهِ إِلَى السُّقْيَا فَمَرَّضَهُ قَرِيبًا مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً. ثُمَّ إِنَّ عَلِيًّا قِيلَ لَهُ: هَذَا حُسَيْنٌ يُشِيرُ إِلَى رَأْسِهِ، فَدَعَا عَلِيٌّ بِجَزُورٍ فَنَحَرَهَا، ثُمَّ حَلَقَ رَأْسَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أَقْبَلَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ مَعَ عُثْمَانَ حَرَامًا- حَسِبْتُ أَنَّهُ اشْتَكَى بِالسُّقْيَا فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَلِيٍّ: فَجَاءَ هُوَوَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، فَمَرَّضُوهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَأَشَارَ حُسَيْنٌ إِلَى رَأْسِهِ، فَحَلَقَهُ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا. قُلْتُ: فَرَجَعَ بِهِ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْخَبَرُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ فِيهِ مِنْ نَحْرِ عَلِيٍّ عَنِ الْحُسَيْنِ النَّاقَةَ قَبْلَ حَلْقِهِ رَأْسَهُ، ثُمَّ حَلَقِهِ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّحْرِ- إِنْ كَانَ عَلَى مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْ يَزِيدَ، كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِحْلَالِ مِنَ الْحُسَيْنِ مِنْ إِحْرَامِهِ لِلْإِحْصَارِ عَنِ الْحَجِّ بِالْمَرَضِ الَّذِي أَصَابَهُ- وَإِنْ كَانَ عَلَى مَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ، عَنْ هُشَيْمٍ: مِنْ نَحْرِ عَلِيٍّ عَنْهُ النَّاقَةَ بَعْدَ حَلْقِهِ رَأْسَهُ: أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِافْتِدَاءِ مِنَ الْحَلْقِ، وَأَنْ يَكُونَ كَانَ يَرَى أَنَّ نُسُكَ الْفِدْيَةِ يُجَزِئُ نَحْرُهُ دُونَ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْفِدْيَةُ حَيْثُ شِئْتَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ- فِي الْفِدْيَةِ، فِي الصَّدَقَةِ وَالصَّوْمِ وَالدَّمِ-: حَيْثُ شَاءَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَا كَانَ مِنْ دَمِ نُسُكٍ فَبِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ إِطْعَامٍ وَصِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ الْمُفْتَدِي.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجٌ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ، وَغَيْرُهُمَا، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا كَانَ مِنْ دَمٍ فَبِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ طَعَامٍ وَصِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ: "الدَّمُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ "، الْقِيَاسُ عَلَى هَدْيِ جَزَاءِ الصَّيْدِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ شَرَطَ فِي هَدْيِهِ بُلُوغَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [الْمَائِدَةِ: 95]. قَالُوا: فَكُلُّ هَدْيٍ وَجَبَ مِنْ جَزَاءٍ أَوْ فِدْيَةٍ فِي إِحْرَامٍ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ جَزَاءِ الصَّيْدِ فِي وُجُوبِ بُلُوغِهِ الْكَعْبَةَ. قَالُوا: وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حُكْمَ الْهَدْيِ كَانَ حُكْمُ الصَّدَقَةِ مِثْلَهُ، لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِطْعَامَ فِدْيَةٌ وَجَزَاءٌ كَالدَّمِ، فَحُكْمُهُمَا وَاحِدٌ. وَأَمَّاعِلَّةُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْمُفْتَدِي أَنْ يُنْسِكَ حَيْثُ شَاءَ وَيَتَصَدَّقَ وَيَصُومَفِي الْحَجِّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْحَالِقِ رَأْسَهُ مِنْ أَذًى هَدْيًا، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ نُسُكًا أَوْ إِطْعَامًا أَوْ صِيَامًا، وَحَيْثُمَا نَسَكَ أَوْ أَطْعَمَ أَوْ صَامَ فَهُوَ نَاسِكٌ وَمُطْعِمٌ وَصَائِمٌ، وَإِذَا دَخَلَ فِي عِدَادِ مَنْ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الِاسْمَ كَانَ مُؤَدِّيًا مَا كَلَّفَهُ اللَّهُ. لِأَنَّ اللَّهَ لَوْ أَرَادَ مِنْ إِلْزَامِ الْحَالِقِ رَأْسَهُ فِي نُسُكِهِ بُلُوغَ الْكَعْبَةِ، لَشَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، كَمَا شَرَطَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَفِي تَرْكِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، دَلِيلٌ وَاضِحٌ، أَنَّهُ حَيْثُ نَسَكَ أَوْ أَطْعَمَ أَجَزَأَ. وَأَمَّاعِلَّةُ مَنْ قَالَ: "النُّسُكُ بِمَكَّةَ، وَالصِّيَامُ وَالْإِطْعَامُ حَيْثُ شَاءَ"، فَالنُّسُكُ دَمٌ كَدَمِ الْهَدْيِ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ هَدْيِ قَاتِلِ الصَّيْدِ. وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَلَمْ يَشْتَرِطِ اللَّهُ فِيهِ أَنْ يُصْرَفَ إِلَى أَهْلِ مَسْكَنَةِ مَكَانٍ، كَمَا شَرَطَ فِي هَدْيِ الْجَزَاءِ بُلُوغَ الْكَعْبَةِ. فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، إِذْ لَمْ يَكُنِ اللَّهُ شَرَطَ ذَلِكَ لِأَهْلِ مَكَانٍ بِعَيْنِهِ; كَمَا لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْهَدْيِ لِسَاكِنِي الْحَرَمِ لِغَيْرِهِمْ، إِذْ كَانَ اللَّهُ قَدْ خَصَّ أَنَّ ذَلِكَ لِمَنْ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَسْكَنَة. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ، أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى حَالِقِ رَأْسِهِ مِنْ أَذًى مِنَ الْمُحْرِمِينَ، فِدْيَةً مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ بِمَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، بَلْ أَبْهَمَ ذَلِكَ وَأَطْلَقَهُ، فَفِي أَيِّ مَكَانٍ نَسَكَ أَوْ أَطْعَمَ أَوْ صَامَ، فَيُجْزِي عَنِ الْمُفْتَدِي. وَذَلِكَ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ إِذْ حَرَّمَ أُمَّهَاتِ نِسَائِنَا فَلَمْ يَحْصُرْهُنَّ عَلَى أَنَّهُنَّ أُمَّهَاتُ النِّسَاءِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُنَّ مَرْدُودَاتِ الْأَحْكَامِ عَلَى الرَّبَائِبِ الْمَحْصُورَاتِ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّمَةَ مِنْهُنَّ الْمَدْخُولُ بِأُمِّهَا. فَكَذَلِكَكُلُّ مُبْهَمَةٍ فِي الْقُرْآنِ غَيْرُ جَائِزِ رَدُّ حُكْمِهَا عَلَى الْمُفَسَّرَةِ قِيَاسًا. وَلَكِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يُحْكَمَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِمَا احْتَمَلَهُ ظَاهِرُ التَّنْـزِيلِ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ خَبَرٌ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِإِحَالَةِ حُكْمِ ظَاهِرِهِ إِلَى بَاطِنِهِ، فَيَجِبُ التَّسْلِيمُ حِينَئِذٍ لِحُكْمِ الرَّسُولِ، إِذْ كَانَ هُوَ الْمُبِينَ عَنْ مُرَادِ اللَّهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّالصِّيَامَ مُجْزِئٌ عَنِ الْحَالِقِ رَأْسَهُ مِنْ أَذًى حَيْثُ صَامَ مِنَ الْبِلَادِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ بِنُسُكِ الْفِدْيَةِ مِنَ الْحَلْقِ، وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمُفْتَدِي الْأَكْلُ مِنْهُ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ لِلْمُفْتَدِي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَلَكِنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِهِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: ثَلَاثٌ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُنَّ: جَزَاءُ الصَّيْدِ، وَجَزَاءُ النُّسُكِ، وَنَذْرُ الْمَسَاكِينِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ وَهَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: لَا تَأْكُلْ مِنْ فِدْيَةٍ وَلَا مِنْ جَزَاءٍ، وَلَا مِنْ نَذْرٍ، وَكُلْ مِنَ الْمُتْعَةِ، وَمِنَ الْهَدْيِ وَالتَّطَوُّعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ وَهَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: جَزَاءُ الصَّيْدِ وَالْفِدْيَةِ وَالنَّذْرِ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا صَاحِبُهَا، وَيَأْكُلُ مِنَ التَّطَوُّعِ وَالتَّمَتُّعِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا تَأْكُلْ مِنْ جَزَاءٍ، وَلَا مِنْ فِدْيَةٍ، وَتَصَدَّقْ بِهِ. مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: لَا يَأْكُلُ مِنْ بَدَنَتِهِ الَّذِي يُصِيبُ أَهْلَهُ حَرَامًا وَالْكَفَّارَاتُ كَذَلِكَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ وَالْحَجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ، وَلَا مِنَ النَّذْرِ، وَلَا مِنَ الْفِدْيَةِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يُؤْكَلُ مِنَ الْفِدْيَةِ وَقَالَ مَرَّةً: مِنْ هَدْيِ الْكَفَّارَةِ، وَلَا مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يُؤْكَلُ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ، وَيُؤْكَلُ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: مِنَ الْفِدْيَةِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ: الشَّاةُ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ يَأْكُلُ مِنْهُ إِنْ شَاءَ، وَيَتَصَدَّقُ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَسَنَ، يَقُولُ: كُلْ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ- يَعْنِي مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَالنَّذْرِ وَالْفِدْيَةِ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْأَكْلِ مِنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ وَنَذْرِ الْمَسَاكِينِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعِلَّةُ مَنْ حَظَرَ عَلَى الْمُفْتَدِي الْأَكْلَ مِنْ فِدْيَةِ حَلَاقِهِفِي الْحَجِّ وَفِدْيَةِ مَا لَزِمَتْهُ مِنْهُ الْفِدْيَةُ، أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْحَالِقِ وَالْمُتَطَيِّبِ وَمَنْ كَانَ بِمِثْلِ حَالِهِمْ، فِدْيَةً مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، فَلَنْ يَخْلُوَ ذَلِكَ الَّذِي أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِطْعَامِ وَالنُّسُكِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَوْجَبَهُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ وَلِغَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَ أَوْجَبَهُ لِغَيْرِهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، لِأَنَّ مَا لَزِمَهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجْزِيهِ فِيهِ إِلَّا الْخُرُوجُ مِنْهُ إِلَى مَنْ وَجَبَ لَهُ. أَوْ يَكُونُ لَهُ وَحْدَهُ، وَمَا وَجَبَ لَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ فِي لُغَةٍ أَنْ يُقَالَ: "وَجَبَ عَلَى فُلَانٍ لِنَفْسِهِ دِينَارٌ أَوْ دِرْهَمٌ أَوْ شَاةٌ"، وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، فَأَمَّا عَلَى نَفْسِهِ فَغَيْرُ مَفْهُومٍ وُجُوبُهُ. أَوْ يَكُونُ وَجَبَ عَلَيْهِ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَنَصِيبُهُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ، لِمَا وَصَفْنَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مَا هُوَ لِغَيْرِهِ وَمَا هُوَ لِغَيْرِهِ بَعْضُ النُّسُكِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْضُ النُّسُكِ لَا النُّسُكُ كُلُّهُ. قَالُوا: وَفِي إِلْزَامِ اللَّهِ إِيَّاهُ النُّسُكَ تَامًّا مَا يُبينُ عَنْ فَسَادِ هَذَا الْقَوْلِ. وَعِلَّةُ مِنْ قَالَ: "لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ"، أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُفْتَدِي نُسُكًا، وَالنُّسُكُ فِي مَعَانِي الْأَضَاحِيِّ، وَذَلِكَ هُوَ ذَبْحُ مَا يَجْزِي فِي الْأَضَاحِيِّ مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ. قَالُوا: وَلَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِدَفْعِهِ إِلَى الْمَسَاكِينِ. قَالُوا: فَإِذَا ذَبَحَ فَقَدْ نَسَكَ، وَفَعَلَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ، وَلَهُ حِينَئِذٍ الْأَكْلُ مِنْهُ، وَالصَّدَقَةُ مِنْهُ بِمَا شَاءَ، وَإِطْعَامُ مَا أَحَبَّ مِنْهُ مَنْ أَحَبِّ، كَمَا لَهُ ذَلِكَ فِي أُضْحِيَّتِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُفْتَدِي نُسُكًا إِنِ اخْتَارَ التَّكْفِيرَ بِالنُّسُكِ، وَلَنْ يَخْلُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَبْحُهُ دُونَ غَيْرِهِ، أَوْ ذَبُحُهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ. فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ذَبْحُهُ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ إِذَا ذَبَحَ نُسُكًا فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ، وَإِنَّ أَكَلَ جَمِيعَهُ وَلَمْ يُطْعِمْ مِسْكِينًا مِنْهُ شَيْئًا، وَذَلِكَ مَا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ، أَوْ يَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ وَالصَّدَقَةُ بِهِ. فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لَهُ أَكْلُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، كَمَا لَوْ لَزِمَتْهُ زَكَاةٌ فِي مَالِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، بَلْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا أَهْلَهَا الَّذِينَ جَعَلَهَا اللَّهُ لَهُمْ. فَفِي إِجْمَاعِهِمْ- عَلَى أَنَّ مَا أَلْزَمَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا أَلْزَمُهُ لِغَيْرِهِ- دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى حُكْمِ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَمَعْنَى" النُّسُكِ"، الذَّبْحُ لِلَّهِ، فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، يُقَالُ: "نَسَكَ فُلَانٌ لِلَّهِ نَسِيكَةً" بِمَعْنَى: ذَبَحَ لِلَّهِ ذَبِيحَةً " يَنْسُكُهَا نُسُكًا"، كَمَا:- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: النُّسُكُ: أَنْ يَذْبَحَ شَاةً.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: فَإِذَا بَرَأْتُمْ مِنْ مَرَضِكُمُ الَّذِي أَحْصَرَكُمْ عَنْ حَجِّكُمْ أَوْ عُمْرَتِكُمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عُبَِيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَمِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةََ: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ " فَإِذَا بَرَأْتُمْ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ فِيقَوْلِهِ: {فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} يَقُولُ: فَإِذَا أَمِنْتَ حِينَ تُحْصَرُ: إِذَا أَمِنْتَ مِنْ كَسْرِكَ، وَمِنْ وَجَعِكَ، فَعَلَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ الْبَيْتَ، فَيَكُونَ لَكَ مُتْعَةٌ، فَلَا تَحِلَّ حَتَّى تَأْتِيَ الْبَيْتَ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَإِذَا أَمِنْتُمْ مِنْ خَوْفِكُمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ " لِتَعْلَمُوا أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا خَائِفِينَ يَوْمئِذٍ. حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ " قَالَ: إِذَا أَمِنَ مِنْ خَوْفِهِ، وَبَرئَ مِنْ مَرَضِهِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَشْبَهُ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ. لِأَنَّ "الْأَمْنَ" هُوَ خِلَافُ "الْخَوْفِ"، لَا خِلَافَ" الْمَرَضِ"، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَرَضًا مُخَوِّفًا مِنْهُ الْهَلَاكُ، فَيُقَالُ: فَإِذَا أَمِنْتُمُ الْهَلَاكَ مِنْ خَوْفِ الْمَرَضِ وَشِدَّتِهِ، وَذَلِكَ مَعْنًى بَعِيدٌ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ مَعْنَاهُ: الْخَوْفُ مِنَ الْعَدُوِّ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَـزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْعَدُوِّ خَائِفُونَ، فَعَرَّفَهُمُ اللَّهُ بِهَا مَا عَلَيْهِمْ إِذَا أَحْصَرَهُمْ خَوْفُ عَدُوِّهِمْ عَنِ الْحَجِّ، وَمَا الَّذِي عَلَيْهِمْ إِذَا هُمْ أَمِنُوا مِنْ ذَلِكَ، فَزَالَ عَنْهُمْ خَوْفُهُمْ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَإِنَّ أَحُصِرْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَزَالَ عَنْكُمْ خَوْفُكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ أَوْ هَلَاكِكُمْ مِنْ مَرَضِكُمْ فَتَمَتَّعْتُمْ بِعُمْرَتِكُمْ إِلَى حَجِّكُمْ، فَعَلَيْكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيصِفَةِ" التَّمَتُّعِ" الَّذِي عَنَى اللَّهُ في قَوْلِهِ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنْ يَحْصُرَهُ خَوْفُ الْعَدُوِّ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ، أَوْ مَرَضٌ، أَوْ عَائِقٌ مِنَ الْعِلَلِ، حَتَّى يَفُوتَهُ الْحَجُّ، فَيَقْدَمُ مَكَّةَ، فَيَخْرُجُ مِنْ إِحْرَامِهِ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ، ثُمَّ يَحِلُّ فَيَسْتَمْتِعُ بِإِحْلَالِهِ مِنْ إِحْرَامِهِ ذَلِكَ إِلَى السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، ثُمَّ يَحُجُّ وَيُهْدِي، فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِحْلَالِ مِنْ لَدُنْ يَحُلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ إِلَى إِحْرَامِهِ الثَّانِي مِنَ الْقَابِلِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُوِيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَهُوَ يَخْطُبُ، وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، وَاللَّهِ مَا التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ كَمَا تَصْنَعُونَ، إِنَّمَا التَّمَتُّعُ أَنْ يُهِلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَيَحْصُرُهُ عَدُوٌّ أَوْ مَرَضٌ أَوْ كَسْرٌ أَوْ يَحْبِسُهُ أَمْرٌ حَتَّى تَذْهَبَ أَيَّامُ الْحَجِّ فَيَقْدَمُ فَيَجْعَلُهَا عُمْرَةً، فَيَتَمَتَّعُ بِحِلِّهِ إِلَى الْعَامِ الْقَابِلِ ثُمَّ يَحُجُّ وَيَهْدِي هَدْيًا، فَهَذَا التَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: الْمُتْعَةُ لِمَنْ أُحْصِرَ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ لِمَنْ أُحْصِرَ وَمَنْ خُلِّيَتْ سَبِيلُهُ. حَدَّثَنِي ابْنُ الْبَرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: إِنَّمَا الْمُتْعَةُ لِلْمُحْصَرِ وَلَيْسَتْ لِمَنْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: فَإِنْ أَحُصِرْتُمْ فِي حَجِّكُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَإِذَا أَمِنْتُمْ وَقَدْ حَلَلْتُمْ مِنْ إِحْرَامِكُمْ، وَلَمْ تَقْضُوا عُمْرَةً تَخْرُجُونَ بِهَا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِحَجِّكُمْ وَلَكِنْ حَلَلْتُمْ حِينَ أُحْصِرْتُمْ بِالْهَدْيِ وَأَخَّرْتُمُ الْعُمْرَةَ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ فَاعْتَمَرْتُمْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَلَلْتُمْ، فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِإِحْلَالَكُمْ إِلَى حَجِّكُمْ فَعَلَيْكُمْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عُبَِيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَمِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ}، قَالَ: إِذَا أَهَلَّ الرَّجُلُ بِالْحَجِّ فَأُحْصِرَ، قَالَ: يَبْعَثُ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، شَاةٍ. قَالَ: فَإِنْ عَجَّلَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " فَإِذَا أَمِنْتُمْ "، فَإِذَا بَرئَ فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ حَتَّى أَتَى الْبَيْتَ، حَلَّ مِنْ حَجِّهِ بِعُمْرَةٍ وَكَانَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مَنْ قَابِلٍ. وَإِنْ هُوَ رَجَعَ وَلَمْ يُتِمَّ إِلَى الْبَيْتِ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ، فَإِنَّ عَلَيْهِ حَجَّةً وَعُمْرَةً وَدَمًا لِتَأْخِيرِهِ الْعُمْرَةَ. فَإِنْ هُوَ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، شَاةً. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: "فَإِنْ أَحُصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ "، قَالَ: هَذَا رَجُلٌ أَصَابَهُ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ أَوْ حَابِسٌ حَبَسَهُ حَتَّى يَبْعَثَ بِهَدْيِهِ، فَإِذَا بَلَغَتْ مَحِلَّهَا صَارَ حَلَالًا فَإِنْ أَمِنَ أَوْ بَرئَ وَوَصَلَ إِلَى الْبَيْتِ فَهِيَ لَهُ عُمْرَةٌ، وَأَحَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ عَامًا قَابِلًا. وَإِنْ هُوَ لَمْ يَصِلْ إِلَى الْبَيْتِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ وَهَدْيٌ. قَالَ قَتَادَةُ: [وَهِيَ] وَالْمُتْعَةُ الَّتِي لَا يَتَعَاجَمُ النَّاسُ فِيهَا أَنَّ أَصْلَهَا كَانَ هَكَذَا. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمِنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ " إِلَى: "تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ "، قَالَ: هَذَا الْمُحْصَرُ إِذَا أَمِنَ، فَعَلَيْهِ الْمُتْعَةُ فِي الْحَجِّ وَهَدْيُ الْمُتَمَتِّعِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَالصِّيَامُ، فَإِنْ عَجَّلَ الْعُمْرَةَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ فِيهَا هَدْيٌ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ السِّرِّيِّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ: "فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ " فَإِنْ أَخَّرَ الْعُمْرَةَ حَتَّى يَجْمَعَهَا مَعَ الْحَجِّ، فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ الْمُحْصَرَ وَغَيْرَ الْمُحْصَرِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْبَرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: الْمُتْعَةُ لِمَنْ أُحْصِرَ، وَلِمَنْ خُلِّيَ سَبِيلُهُ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَصَابَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْمُحْصَرَ وَمَنْ خُلِّيَتْ سَبِيلُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَمَنْفَسَخَ حَجَّهُ بِعُمْرَةٍ، فَجَعَلَهُ عُمْرَةً، وَاسْتَمْتَعَ بِعُمْرَتِهِ إِلَى حَجِّهِ، فَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ قَوْلُهُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، أَمَّا الْمُتْعَةُ فَالرَّجُلُ يُحْرِمُ بِحَجَّةٍ، ثُمَّ يَهْدِمُهَا بِعُمْرَةٍ. وَقَدْ (خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ حَاجًّا، حَتَّى إِذَا أَتَوْا مَكَّةَ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَحِلَّ فَلْيَحِلَّ، قَالُوا: فَمَا لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: أَنَا مَعِي هَدْي). وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ ذَلِكَ: الرَّجُلُ يَقْدَمُ مُعْتَمِرًا مِنْ أُفُقٍ مِنَ الْآفَاقِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَإِذَا قَضَى عُمْرَتَهُ أَقَامَ حَلَالًا بِمَكَّةَ حَتَّى يُنْشِئَ مِنْهَا الْحَجَّ، فَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ مُسْتَمْتِعًا بِإِحْلَالِهِ إِلَى إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: "فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ "، مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَدِمَ ابْنُ عُمَرَ مَرَّةً فِي شَوَّالَ، فَأَقَمْنَا حَتَّى حَجَجْنَا، فَقَالَ: إِنَّكُمْ قَدِ اسْتَمْتَعْتُمْ إِلَى حَجِّكُمْ بِعُمْرَةٍ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ أَنْ يَهْدِيَ فَلْيُهْدِ، وَمَنْ لَا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ قَالَ ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ ابْنِ عُمَرَ مُعْتَمِرَيْنِ فِي شَوَّالَ، فَأَدْرَكَهُمَا الْحَجُّ وَهُمَا بِمَكَّةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنِ اعْتَمَرَ مَعَنَا فِي شَوَّالَ ثُمَّ حَجَّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي رَجُلٍ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَسَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا، فَقَدِمَ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ يُرِيدُ الْحَجَّ، فَلْيَنْحَرْ هَدْيَهُ، ثُمَّ لِيَرْجِعْ إِنْ شَاءَ، فَإِنْ هُوَ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَّ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُقِيمَ حَتَّى يَحُجَّ، فَلْيَنْحَرْ هَدْيًا آخَرَ لِتَمَتُّعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَصُمْ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا هَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، مِثْلَ ذَلِكَ. حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ بِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالَ أَوْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَحُجَّ، فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ عَطَاءٍ مَثَل ذَلِكَ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ، عَنْ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: "فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ " يَقُولُ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْبَرَقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: الْمُتْعَةُ لِخَلْقِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ، الرَّجُلُ، وَالْمَرْأَةُ، وَالْحُرُّ، وَالْعَبْدُ، هِيَ لِكُلِّ إِنْسَانٍ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ وَلَمْ يَبْرَحْ حَتَّى يَحُجَّ، سَاقَ هَدْيًا مُقَلَّدًا أَوْ لَمْ يَسُقْ إِنَّمَا سُمِّيَتِ " الْمُتْعَةُ"، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي شُهُورِ الْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ بِعُمْرَةٍ إِلَى الْحَجِّ، وَلَمْ تُسَمَّ "الْمُتْعَةُ" مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَحِلُّ بِتَمَتُّعِ النِّسَاءِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنَى بِهَا: فَإِنْ أَحُصِرْتُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فِي حَجِّكُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ مِمَّنْ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ- بِسَبَبِ الْإِحْصَارِ، بِعُمْرَةٍ اعْتَمَرَهَا لِفَوْتِهِ الْحَجُّ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ- إِلَى قَضَاءِ الْحِجَّةِ الَّتِي فَاتَتْهُ حِينَ أُحْصِرَ عَنْهَا ثُمَّ دَخَلَ فِي عُمْرَتِهِ فَاسْتَمْتَعَ بِإِحْلَالِهِ مِنْ عُمْرَتِهِ إِلَى أَنْ يَحُجَّ فَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا مَنْ أَنْشَأَ عُمْرَةً فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَضَاهَا ثُمَّ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَأَقَامَ حَلَالًا حَتَّى يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ غَيْرَ أَنَّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي قَوْلِهِ: " فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ" هُوَ مَا وَصَفْنَا، مِنْ أَجْلِ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَمَّا عَلَى الْمُحْصَرِ عَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ فِي إِحْصَارِهِ. فَكَانَ مِمَّا أَخْبَرَ تَعَالَى ذِكْرُهُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ-إِذَا أَمِنَ مِنْ إِحْصَارِهِ فَتَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ- مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَكَانَ مَعْلُومًا بِذَلِكَ أَنَّهُ مَعْنِيٌّ بِهِ اللَّازِمُ لَهُ- عِنْدَ أَمْنِهِ مِنْ إِحْصَارِهِ- مِنَ الْعَمَلِ بِسَبَبِ الْإِحْلَالِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فِي حَجِّهِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ، دُونَ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ عُمْرَتَهُ وَلَا حَجَّهُ إِحْصَارُ مَرَضٍ وَلَا خَوْفٍ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَهَدْيُهُ جَزَاءٌ لِاسْتِمْتَاعِهِ بِإِحْلَالِهِ مِنْ إِحْرَامِهِ الَّذِي حَلَّ مِنْهُ حِينَ عَادَ لِقَضَاءِ حَجَّتِهِ الَّتِي أُحْصِرَ فِيهَا، وَعُمْرَتِهِ الَّتِي كَانَتْ لَزِمَتْهُ بِفَوْتِ حَجَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ فِي حَجِّهِ، وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيالثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَوْمُهُنَّ فِي الْحَجِّ: أَيْ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ هُنَّ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُنَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ أَيَّامِ حَجِّهِ، أَيَّ أَيَّامٍ شَاءَ، بَعْدَ أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ بِآخِرِهِنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّارِعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَِيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: قَبْلَ التَّرْوِيَةِ يَوْمًا، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الصِّيَامُ لِلْمُتَمَتِّعِ مَا بَيْنَ إِحْرَامِهِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: "فَصِيَامُ {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: يَوْمٌ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمُ عَرَفَةَ، وَإِذَا فَاتَهُ صَامَهَا أَيَّامَ مِنًى. حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّارِعُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَِيْدُ بْنُ الْأَسْوَدِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: الْمُتَمَتِّعُ يَصُومُ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ يَوْمًا، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَة. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: آخِرُهُنَّ يَوْمُ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ عَنْ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، قَالَ: يَصُومُ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ يَوْمًا، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ. حَدَّثَنِي عُبَِيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَمِيرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {" فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} أَنَّهُ قَالَ: آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشيمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ: صَامَ يَوْمًا قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامُ بْنُ سَلَمٍ، وَهَارُونُ عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ لِمُتْعَتِهِ فِي الْعَشْرِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ. قَالَ: وَسَمِعْتُ مُجَاهِدًا وَطَاوُسًا يَقُولَانِ: إِذَا صَامَهُنَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَجَزَأَهُ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَامٌ وَهَارُونُ عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلْمُتَمَتِّعِ، إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يُهْدِي، يَصُومُ فِي الْعَشْرِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ مَتَى صَامَ أَجَزَأَهُ، فَإِنْ صَامَ الرَّجُلُ فِي شَوَّالَ أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ أَجَزَأَهُ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَطَاءٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، كَانَ يَقُولُ: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَهُنَّ فِيمَا بَيْنَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ فَلْيَصُمْ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ دَاوُدَ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنْ عَامِرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ يَوْمًا، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} آخِرُهُنَّ يَوْمُ عَرَفَةَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: كَانَ يُقَالُ عَرَفَةُ وَمَا قَبِلَهَا يَوْمَيْنِ مِنَ الْعَشْرِ. حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: {" فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: فَآخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرٌ، عَنْ عَطَاءٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: عَرَفَةُ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْعَشْرِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ وَإِبْرَاهِيمَ، قَالَا" صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ"، فِي الْعَشْرِ، آخِرُهُنَّ عَرَفَةُ. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خَمِيرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، قَالَ: آخِرُهُنَّ يَوْمُ عَرَفَةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ} إِلَى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، وَهَذَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ بِالْعُمْرَةِ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا، فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ الثَّالِثَ فَقَدْ تَمَّ صَوْمُهُ وَسَبْعَةٌ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ آخِرُهُنَّ انْقِضَاءُ يَوْمِ مِنًى.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَقُولُ: مَنْ فَاتَهُ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ صَامَهُنَّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَة: يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ الَّذِي يَفُوتُهُ الصِّيَامُ أَيَّامَ مِنًى. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ فَاتَهُ صِيَامُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ، فَلْيَصُمْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَجِّ. حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ نَافِعًا حَدَّثَهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَلَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ قَبْلَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَلْيَصُمْ أَيَّامَ مِنًى. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِيسَى بْنِ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَة وَعَنْ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يَصُومَ إِلَّا لِمَنْ يَجِدُ هَدْيًا. حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إِذَا لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ قَبْلَ النَّحْرِ صَامَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، فَإِنَّهَا مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ. وَذَكَرَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَة قالَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ} قَالَ: هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ وَبَرَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: يَصُومُ يَوْمًا قَبْلَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ. قَالَ: وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: يَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ: "آخِرُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ صَوْمَهُنَّ فِي الْحَجِّ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ مِنَ الْمُتَمَتِّعِينَ- يَوْمُ عَرَفَةَ "، أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَوْجَبَ صَوْمَهُنَّ فِي الْحَجِّ بِقَوْلِهِ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}. قَالُوا: وَإِذَاانْقَضَى يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَدِ انْقَضَى الْحَجُّ، لِأَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ يَوْمُ إِحْلَالٍ مِنَ الْإِحْرَامِ. قَالُوا: وَقَدْ أَجْمَعَ الْجَمِيعُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُصَوْمُ يَوْمِ النَّحْرِ. قَالُوا: فَإِنْ يَكُنْ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ بَعْدَهُ أَحْرَى أَنْ لَا تَكُونَ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ، لِأَنَّ أَيَّامَ الْحَجِّ مَتَى انْقَضَتْ مِنْ سَنَةٍ، فَلَنْ تَعُودَ إِلَى سَنَةٍ أُخْرَى بَعْدَهَا. أَوْ يَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَهُ غَيْرُ جَائِزٍ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ، فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ الَّتِي بَعْدَهُ فِي مَعْنَاهُ، لِأَنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ صَوْمِهِنَّ، كَمَا نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ النَّحْرِ. قَالُوا: وَإِذَا كَانَ يَفُوتُ صَوْمُهُنَّ بِمُضِيِّ يَوْمِ عَرَفَةَ، لَمْ يَكُنْ إِلَى صِيَامِهِنَّ فِي الْحَجِّ سَبِيلٌ; لِأَنَّ اللَّهَ شَرَطَ صَوْمَهُنَّ فِي الْحَجِّ، فَلَمْ يُجْزِ عَنْهُ إِلَّا الْهَدْيُ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ لِمُتْعَتِهِ. وَعِلَّةُ مَنْ قَالَ: "آخِرُ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ انْقِضَاءُ آخَرِ أَيَّامِ مِنًى "، أَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، ثُمَّ الصِّيَامَ إِنْ لَمْ يَجِدْ إِلَى الْهَدْيِ سَبِيلًا. قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَحْرُ هَدْيِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَاجِدًا قَبْلَ ذَلِكَ. قَالُوا: فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا رُخِّصَ لَهُ فِي الصَّوْمِ يَوْمَ يَلْزَمُهُ نَحْرُ الْهَدْيِ فَلَا يَجِدُ إِلَيْهِ سَبِيلًا. قَالُوا: وَالْوَقْتُ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِيهِ نَحْرُ الْهَدْيِ يَوْمُ النَّحْرِ وَالْأَيَّامُ الَّتِي بَعْدَهُ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ، فَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَمْ يُمْكِنْ نَحْرُهُ. قَالُوا: فَإِذَا كَانَ النَّحْرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ لَازِمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِنَّمَا لَزِمَهُ الصَّوْمُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَذَلِكَ حِين عَدِمَ الْهَدْيَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ. قَالُوا: وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالصَّوْمُ إِنَّمَا يَلْزَمُهُ أَوَّلُهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَ النَّحْرِ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّحْرَ إِنَّمَا كَانَ لَزِمَهُ مِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إِذَا لَمْ يَجِدْهُ، يَكُونُ لَهُ الصَّوْمُ. قَالُوا: وَإِذَا طَلَعَ فَجْرُ يَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ صَوْمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، إِذَا كَانَ الصَّوْمُ لَا يَكُونُ فِي بَعْضِ نَهَارِ يَوْمٍ فِي وَاجِبٍ، عُلِمَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيه إِلَى انْقِضَاءِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. قَالُوا: وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ الْقَائِلِ: إِنَّ أَيَّامَ مِنًى لَيْسَتْ مِنْ أَيَّامِ الْحَجِّ; لِأَنَّهُنَّ يُنْسَكُ فِيهِنَّ بِالرَّمْيِ وَالْعُكُوفِ عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ، كَمَا يُنْسَكُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِي الْأَيَّامِ قَبْلَهَا. قَالُوا: هَذَا مَعَ شَهَادَةِ الْخَبَرِ الَّذِي: حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ أَنَّ شُعْبَةَ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ وَلَمْ يَصُمْ حَتَّى فَاتَتْهُ أَيَّامُ الْعَشْرِ، أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ مَكَانَهَا). لِصِحَّةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ وَخَطَأِ قَوْلِ مَنْ خَالَفَ قَوْلَنَا فِيهِ. حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنِي هُشَيْمٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: (بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ، فَنَادَى فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ، إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ هَدْي). وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيأَوَّلِ الْوَقْتِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ الِابْتِدَاءُ فِي صَوْمِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِالَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، وَالْوَقْتِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ فِيهِ صَوْمُهُنَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِيهِ صَوْمُهُنَّ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَهُ أَنْ يَصُومَهُنَّ مِنْ أَوَّلِ أَشْهُرِ الْحَجِّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ وَهَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ وَطَاوُسٍ: أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: إِذَا صَامَهُنَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَجَزَأَهُ. قَالَ: وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُتَمَتِّعُ مَا يُهْدِي، فَإِنَّهُ يَصُومُ فِي الْعَشْرِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، مَتَى مَا صَامَ أَجَزَأَهُ. فَإِنْ صَامَ الرَّجُلُ فِي شَوَّالَ أَوْ ذِي الْقَعْدَةِ أَجَزَأَهُ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي شَوَّالَ وَيَوْمًا فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَيَوْمًا فِي ذِي الْحِجَّةِ، أَجَزَأَهُ عَنْهُ مِنْ صَوْمِ التَّمَتُّعِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: إِنْ شَاءَ صَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالَ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ}، قَالَ: إِنْ شَاءَ صَامَهَا فِي الْعَشْرِ، وَإِنْ شَاءَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَإِنْ شَاءَ فِي شَوَّالَ. وَقَالَ آخَرُونَ: يَصُومُهُنَّ فِي عَشَرِ ذِي الْحِجَّةِ دُونَ غَيْرِهَا.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ وَهَارُونُ، عَنْ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ: يَصُومُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ لِلْمُتْعَةِ فِي الْعَشْرِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَم، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ كَانَ يَقُولُ: مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَصُومَهُنَّ فِيمَا بَيْنَ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَلْيَصُمْ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَصُومَ الْمُتَمَتِّعُ فِي الْعَشْرِ وَهُوَ حَلَالٌ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: لَا يُصَامُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، قَالَ: فِي تِسْعٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ أَيُّهَا شِئْتَ، فَمَنْ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي شَوَّالَ وَفِي ذِي الْقِعْدَةِ، فَهُوَ بِمَنْـزِلَةِ مَنْ لَمْ يَصُمْ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَهُ أَنْ يَصُومَهُنَّ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: إِذَا خَشِيَ أَنْ لَا يُدْرِكَ الصَّوْمَ بِمَكَّةَ صَامَ بِالطَّرِيقِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: لَا بَأْسَ أَنْ تَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي الْمُتْعَةِ وَأَنْتَ حَلَالٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَصُومَهُنَّ إِلَّا بَعْدَ مَا يُحْرِمُ بِالْحَجِّ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا يَصُومُهُنَّ إِلَّا وَهُوَ حَرَامٌ. حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ نَصْرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الصِّيَامُ لِلْمُتَمَتِّعِ مَا بَيْنَ إِحْرَامِهِ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَا يَجْزِيهِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِلَّا أَنْ يُحْرِمَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: يَجْزِيهِ إِذَا صَامَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي أَنَّ لِلْمُتَمَتِّعِ أَنْ يَصُومَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَوْمَهُنَّ لِمُتْعَتِهِ إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، مِنْ أَوَّلِ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ وَاسْتِمْتَاعِهِ بِالْإِحْلَالِ إِلَى حَجِّهِ، إِلَى انْقِضَاءِ آخِرِ عَمَلِ حَجِّهِ وَذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَيَّامِ مِنًى سِوَى يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ صَوْمُهُ ابْتَدَأَ صَوْمَهُنَّ قَبْلَهُ، أَوْ تَرَكَ صَوْمَهُنَّ فَأَخَّرَهُ حَتَّى انْقِضَاءِ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: لَهُ صَوْمُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْعِلَّةِ لِقَائِلِ ذَلِكَ قَبْلُ، فَإِنْ صَامَهُنَّ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُجَزِئٍ صَوْمُهُ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنَ الصَّوْمِ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ لِمُتْعَتِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ إِنَّمَا أَوْجَبَ الصَّوْمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مِمَّنِ اسْتَمْتَعَ بِعُمْرَتِهِ إِلَى حَجِّهِ، فَالْمُعْتَمِرُ قَبْلَ إِحْلَالِهِ مِنْ عُمْرَتِهِ وَقَبْلَ دُخُولِهِ فِي حَجِّهِ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ اسْمَ" مُتَمَتِّعٍ" بِعُمْرَتِهِ إِلَى حَجِّهِ. وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ قَبْلَ إِحْرَامِهِ" مُعْتَمِرٌ"، حَتَّى يَدْخُلَ بَعْدَ إِحْلَالِهِ فِي الْحَجِّ قَبْلَ شُخُوصِهِ عَنْ مَكَّةَ. فَإِذَا دَخَلَ فِي الْحَجِّ مُحَرِمًا بِهِ- بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَمُقَامِهِ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ عُمْرَتِهِ حَلَالًا حَتَّى حَجَّ مِنْ عَامِهِ – سُمِّيَ "مُتَمَتِّعًا". فَإِذَا اسْتَحَقَّ اسْمَ "مُتَمَتِّعٍ" لَزِمَهُ الْهَدْيُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ الصَّوْمُ بِعَدَمِهِ الْهَدْيَ إِنْ عَدِمَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ. فَأَمَّا إِنْ صَامَهُ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْحَجِّ- وَإِنْ كَانَ مِنْ نِيَّتِهِ الْحَجُّ- فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ صَامَ صَوْمًا يَنْوِي بِهِ قَضَاءً عَمَّا عَسَى أَنْ يَلْزَمَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ، فَسَبِيلُهُ سَبِيلُرَجُلٍ مُعْسِرٍ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَنْوِي بِصَوْمِهِنَّ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، لِيَمِينٍ يُرِيدُ أَنْ يَحْلِفَ بِهَا وَيَحْنَثَ فِيهَا، وَذَلِكَ مَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ أَنَّهُ غَيْرُ مُجَزِئٍ مِنْ كَفَّارَةٍ إِنْ حَلَفَ بِهَا بَعْدَ الصَّوْمِ فَحَنِثَ. فَإِنَّ ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّصَوْمَ الْمُعْتَمِرِ- بَعْدَ إِحْلَالِهِ مِنْ عُمْرَتِهِ، أَوْ قَبْلَهُ، وَقَبْلَ دُخُولِهِ فِي الْحَجِّ- مُجَزِئٌ عَنْهُ مِنَ الصَّوْمِ الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ تَمَتَّعَ بِعُمْرَتِهِ إِلَى الْحَجِّ، نَظِيرَ مَا أَجَزَأَ الْحَالِفُ بِيَمِينٍ إِذَا كَفَّرَ عَنْهَا قَبْلَ حِنْثِهِ فِيهَا بَعْدَ حَلِفِهِ بِهَا فَقَدْ ظَنَّ خَطَأً. لِأَنَّاللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ لِلْيَمِينِ تَحْلِيلًاهُوَ غَيْرُ تَكْفِيرٍ، فَالْفَاعِلُ فِيهَا قَبْلَ الْحِنْثِ فِيهَا مَا يَفْعَلُهُ الْمُكَفِّرُ بَعْدَ حِنْثِهِ فِيهَا، مُحَلِّلٌ غَيْرُ مُكَفِّرٍ. وَالْمُتَمَتِّعُ إِذَا صَامَ قَبْلَ تَمَتُّعِهِ صَائِمٌ تَكْفِيرًا لِمَا يَظُنُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَمَّا يَلْزَمُهُ، وَهُوَ كَالْمُكَفِّرِ عَنْ قَتْلِ صَيْدٍ يُرِيدُ قَتْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَبْلَ قَتْلِهِ، وَعَنْ تَطَيُّبٍ قَبْلَ تَطَيُّبِهِ. وَمَنْ أَبَى مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّ لِلْمُعْتَمِرِ الصَّوْمَ قَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، قِيلَ لَهُ: مَا قُلْتَ فِيمَنْ كَفَّرَ مِنَ الْمُحْرِمِينَ عَنِ الْوَاجِبِ عَلَى مَنْ تَرَكَرَمْيَ الْجَمَرَاتِ أَيَّامَ مِنًى يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَنْوِي تَرْكَ الْجَمَرَاتِ، ثُمَّ أَقَامَ بِمِنًى أَيَّامَ مِنًى حَتَّى انْقَضَتْ تَارِكًا رَمْيَ الْجَمَرَاتِ، هَلْ يَجْزِيهِ تَكْفِيرُهُ ذَلِكَ عَنِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ مَا تَرَكَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَإِنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَجْزِيهِ، سُئِلَ عَنْ مَثَلِ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ الَّتِي أَوْجَبَ اللَّهُ فِي تَضْيِيعِهِ عَلَى الْمُحَرِمِ، أَوْ فِي فِعْلِهِ، كَفَّارَةً، فَإِنْ سَوَّى بَيْنَ جَمِيعِ ذَلِكَ قَادَ قَوْلَهُ، وَسُئِلَ عَنْ نَظِيرِ ذَلِكَ فِيالْعَازِمِ عَلَى أَنْ يُجَامِعَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهُوَ مُقِيمٌ صَحِيحٌ، إِذَا كَفَرَ قَبْلَ دُخُولِ الشَّهْرِ، وَدَخَلَ الشَّهْرَ فَفَعَلَ مَا كَانَ عَازِمًا عَلَيْهِ هَلْ تَجْزِيهِ كَفَّارَتُهُ الَّتِي كَفَّرَ عَنِ الْوَاجِبِ مِنْ وَطْئِهِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُسْأَلُ عَمَّنْ أَرَادَ أَنْ يُظَاهِرَ مِنَ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ قَادَ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ، خَرَجَ مِنْ قَوْلِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ. وَإِنْ أَبَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، سُئِلَ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّائِمِ لِمُتْعَتِهِ قَبْلَ تَمَتُّعِهِ وَقَبْلَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، ثُمَّ عُكِسَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ، فَلَنْ يَقُولَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا إِلَّا أُلْزِمَ فِي الْآخَرِ مِثْلَهُ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي حَجِّهِ وَصِيَامُ سَبْعَةِ أَيَّامٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَمِصْرِهُ. فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: أَوَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُ السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ بَعْدَ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي يَصُومُهُنَّ فِي الْحَجِّ إِلَّا بَعْدَ رُجُوعِهِ إِلَى مِصْرِهِ وَأَهْلِهِ؟ قِيلَ: بَلْ قَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَوْمَ الْأَيَّامِ الْعَشْرَةِ بِعَدَمِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ لِمُتْعَتِهِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ رَأْفَةً مِنْهُ بِعِبَادِهِ رَخَّصَ لِمَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، كَمَارَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الْإِفْطَارَ وَقَضَاءَ عِدَّةِ مَا أَفْطَرَمِنَ الْأَيَّامِ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ. وَلَوْتَحَمَّلَ الْمُتَمَتِّعُ فَصَامَ الْأَيَّامَ السَّبْعَةَ فِي سَفَرِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ إِلَى وَطَنِهِ، أَوْ صَامَهُنَّ بِمَكَّةَ، كَانَ مُؤَدِّيًا مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الصَّوْمِ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ بِمَنْـزِلَةِ الصَّائِمِ شَهْرَ رَمَضَانَ فِي سِفْرِهِ أَوْ مَرَضِهِ، مُخْتَارًا لِلْعُسْرِ عَلَى الْيُسْرِ. وَبِالَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَتْ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، قَالَ: هِيَ رُخْصَةٌ إِنْ شَاءَ صَامَهَا فِي الطَّرِيقِ. حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، قَالَ: هِيَ رُخْصَةٌ إِنْ شَاءَ صَامَهَا فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ شَاءَ صَامَهَا بَعْدَ مَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكَّامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، قَالَ: إِنْ شَاءَ صَامَهَا فِي الطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا هِيَ رُخْصَةٌ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: إِنْ شِئْتَ صُمِ السَّبْعَةَ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ شِئْتَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ. حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يَصُومُ السَّبْعَةَ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، قَالَ: إِنْ شِئْتَ فِي الطَّرِيقِ، وَإِنْ شِئْتَ بَعْدَ مَا تَقْدَمُ إِلَى أَهْلِكَ. فَإِنْ قَالَ: وَمَا بُرْهَانُكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: "وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ" إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى أَهْلِيكُمْ وَأَمْصَارِكُمْ دُونَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: إِذَا رَجَعْتُمْ مِنْ مِنًى إِلَى مَكَّةَ؟ قِيلَ: إِجْمَاعُ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ مَا قُلْنَا دُونَ غَيْرِهِ. ذِكْرُ بَعْضِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}، قَالَ: إِذَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَى أَمْصَارِكُمْ. حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ، مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قَالَ: إِلَى أَهْلِكَ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: "كَامِلَةٌ". فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: فَصِيَامُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ وَالسَّبْعَةِ الْأَيَّامِ بَعْدَ مَا يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِهِ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ مِنَ الْهَدْيِ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبَّادٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}، قَالَ: كَامِلَةٌ مِنَ الْهَدْيِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبَّادٍ، عَنِ الْحَسَنِ، مِثْلَهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: كَمَّلْتُ لَكُمْ أَجْرَ مَنْ أَقَامَ عَلَى إِحْرَامِهِ، وَلَمْ يَحِلَّ وَلَمْ يَتَمَتَّعْ تَمَتُّعَكُمْ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ الْأَمْرُ، وَإِنْ كَانَ مَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْخَبَرِ، وَإِنَّمَا عَنَى بِقَوْلِهِ: "تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ" تِلْكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَكْمِلُوا صَوْمَهَا لَا تَقْصُرُوا عَنْهَا، لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْكُمْ صَوْمُهَا. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ قَوْلُهُ: "كَامِلَةٌ"، تَوْكِيدٌ لِلْكَلَامِ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ: "سَمِعْتُهُ بِأُذُنَيَّ، وَرَأَيْتُهُ بِعَيْنَيَّ"، وَكَمَا قَالَ: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النَّحْلِ: 26] وَلَا يَكُونُ" الْخَرُّ" إِلَّا مِنْ فَوْقٍ، فَأَمَّا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى سِعَةِ الْكَلَامِ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا قَالَ: "تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ"، وَقَدْ ذَكَرَ"سَبْعَةً" و"ثَلَاثَةً"، لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهَا مُجَزِئَةٌ، وَلَيْسَ يُخْبِرُ عَنْ عِدَّتِهَا، وَقَالُوا: أَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ: "كَامِلَةٌ" إِنَّمَا هُوَ وَافِيَةٌ؟. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي [بِالصَّوَابِ] قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَى ذَلِكَ تِلْكَ عَشْرَةٌ كَامِلَةٌ عَلَيْكُمْ فَرَضْنَا إِكْمَالَهَا. وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: فَمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ، ثُمَّ قَالَ: تِلْكَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عَلَيْكُمْ إِكْمَالُ صَوْمِهَا لِمُتْعَتِكُمْ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ. فَأَخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الْخَبَرِ، وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِهَا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ " ذَلِكَ"، أَيِالتَّمَتُّعُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، كَمَا:- حُدِّثْتُ عَنْ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الرَّبِيعِ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، يَعْنِي الْمُتْعَةَ أَنَّهَا لِأَهْلِ الْآفَاقِ، وَلَا تَصْلُحُ لِأَهْلِ مَكَّةَ. حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ، عَنِ السُّدِّيِّ: أَنَّ هَذَا لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ أَيْسَرَ مِنْ أَنْ يَحُجَّ أَحَدُهُمْ مَرَّةً وَيَعْتَمِرَ أُخْرَى، فَتُجْمَعُ حَجَّتُهُ وَعُمْرَتُهُ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِفِي مَنْ عَنَى بِقَوْلِهِ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، بَعْدَ إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرَمِ مَعْنِيُّونَ بِهِ، وَأَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهُمْ. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنَى بِذَلِكَ أَهْلَ الْحَرَمِ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: أَهْلُ الْحَرَمِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحِمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مُجَاهِدٍٍ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: أَهْلُ الْحَرَمِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: بَلَغَنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: هُمْ أَهْلُ الْحَرَمِ، وَالْجَمَاعَةُ عَلَيْهِ. حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ قَتَادَةُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ، إِنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَكُمْ، أُحِلَّتْ لِأَهْلِ الْآفَاقِ وَحُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ، إِنَّمَا يَقْطَعُ أَحَدُكُمْ وَادِيًا أَوْ قَالَ: يَجْعَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَرَمِ وَادِيًا ثُمَّ يُهِلُّ بِعُمْرَةٍ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ كَانُوا يَغْزُونَ وَيَتَّجِرُونَ، فَيَقْدَمُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَحُجُّونَ، وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِمُ الْهَدْيُ وَلَا الصِّيَامُ، أُرْخِصَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: أَهْلُ الْحَرَمِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: الْمُتْعَةُ لِلنَّاسِ، إِلَّا لِأَهْلِ مَكَّةَ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ مِنَ الْحَرَمِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ قَوْلِ طَاوُسٍ. بِالْكَلَامِ. وَقَالَ آخَرُونَ: عَنَى بِذَلِكَ أَهْلَ الْحَرَمِ وَمَنْ كَانَ مَنْـزِلُهُ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: مَنْ كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ. حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: مَا كَانَ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: مَنْ كَانَ أَهْلُهُ مِنْ دُونِ الْمَوَاقِيتِ، فَهُوَ كَأَهْلِ مَكَّةَ لَا يَتَمَتَّعُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ عَنَى بِذَلِكَ أَهْلَ الْحَرَمِ، وَمَنْ قَرُبَ مَنْـزِلُهُ مِنْهُ.
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: عَرَفَةَ، وَمُرَّ، وَعُرَنَةَ، وَضِجْنَانِ، وَالرَّجِيعِ، وَنَخْلَتَانِ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ الْغِفَارِيُّ وَالْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: عَرَفَةَ وَمُرُّ، وَعُرَنَةُ، وَضِجْنَانِ، وَالرَّجِيعِ. حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُعَمِّرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ُفِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَمِّرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: مَنْ كَانَ أَهْلُهُ عَلَى يَوْمٍ أَوْ نَحْوَهُ تَمَتَّعَ. حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: أَنَّهُ جَعَلَ أَهْلَ عَرَفَةَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فِي قَوْلِهِ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}. حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍفِي قَوْلِهِ: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، قَالَ: أَهْلُ مَكَّةَ وَفَجَّ وَذِي طَوَى، وَمَا يَلِي ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ مَكَّةَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ عِنْدَنَا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُوَ حَوْلَهُ مِمَّنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنَ الْمَسَافَةِ مَا لَا تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَوَاتُ. لِأَنَّ "حَاضِرَ الشَّيْءِ"، فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، هُوَ الشَّاهِدُ لَهُ بِنَفْسِهِ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانَ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسَمَّى"غَائِبًا"، إِلَّا مَنْ كَانَ مُسَافِرًا شَاخِصًا عَنْ وَطَنِهِ، وَكَانَ الْمُسَافِرُ لَا يَكُونُ مُسَافِرًا إِلَّا بِشُخُوصِهِ عَنْ وَطَنِهِ إِلَى مَا تُقْصَرُ فِي مِثْلِهِ الصَّلَاةُ، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ"غَائِبٍ" عَنْ وَطَنِهِ وَمَنْـزِلِهِ كَانَ كَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى مَا تُقْصَرُ إِلَيْهِ الصَّلَاةُ، غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مِنْ غَيْرِ حَاضِرِيهِ إِذْ كَانَ الْغَائِبُ عَنْهُ هُوَ مَنْ وَصَفْنَا صِفَتَهُ. وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنِ الْمُتْعَةُ لِمَنْ كَانَ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ "التَّمَتُّعَ" إِنَّمَا هُوَ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْإِحْلَالِ مِنَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، مُرْتَفِقًا فِي تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَى الْمَنْـزِلِ وَالْوَطَنِ بِالْمُقَامِ بِالْحَرَمِ حَتَّى يُنْشِئَ مِنْهُ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ. وَكَانَ الْمُعْتَمِرُ مَتَى قَضَى عُمْرَتَهُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى وَطَنِهِ، أَوْ شَخَصَ عَنِ الْحَرَمِ إِلَى مَا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ، بَطَلَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَمْتِعًا. لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِالْمِرْفَقِ الَّذِي جُعِلَ لِلْمُسْتَمْتِعِ، مِنْ تَرْكِ الْعَوْدِ إِلَى الْمِيقَاتِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الْوَطَنِ بِالْمُقَامِ فِي الْحَرَمِ. وَكَانَ الْمَكِّيُّ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا يَرْتَفِقُ بِذَلِكَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ مَتَى قَضَى عُمْرَتَهُ أَقَامَ فِي وَطَنِهِ بِالْحَرَمِ، فَهُوَ غَيْرُ مُرْتَفِقٍ بِشَيْءٍ مِمَّا يَرْتَفِقُ بِهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَيَكُونُ مُتَمَتِّعًا بِالْإِحْلَالِ مَنْ عُمْرَتِهِ إِلَى حَجِّهِ.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ اسْمُهُ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ}، بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَلْزَمَكُمْ مِنْ فَرَائِضِهِ وَحُدُودِهِ، وَاحْذَرُوا أَنْ تَعْتَدُوا فِي ذَلِكَ وَتَتَجَاوَزُوا فِيمَا بَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَنَاسِكِكُمْ، فَتَسْتَحِلُّوا مَا حَرُمَ فِيهَا عَلَيْكُمْ." وَاعْلَمُوا ": تَيَقَّنُوا أَنَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ شَدِيدٌ عِقَابُهُ لِمَنْ عَاقَبَهُ عَلَى مَا انْتَهَكَ مِنْ مَحَارِمِهِ وَرَكِبَ مِنْ مَعَاصِيهِ.
|